
الجدات وحكايا الزمن الجميل: إرث من الحكايات بين الشرق والغرب
الجدات هنّ صانعات الذكريات وحافظات الإصرار، حكاياتهن جسر نعود من خلاله إلى الماضي لنكتشف دروس الحياة وجمال التراث. لكن، في عالم سريع التغير، هل لا تزال لقصصهن نفس التأثير على الأجيال الجديدة؟ وكيف استطاعت الجدات عبر التاريخ أن تحافظ على هذا التراث. في هذا التقرير سنغوص في قوة حكايا الجدات وأثرها العميق على تكويننا النفسي والاجتماعي.
في حلقة اليوم نتحدث عن هذا الموضوع في نمّة ولمّة
إعداد وتقديم: نهى سلوم ودارية فرمان.
Von Darya Farman & Noha Salom
" كان يا ما كان في قديم الزمان.. " الجملة السحرية التي كانت منذ فجر الإنسانية تنقنا إلى عالم الحكايات السحري..
هل تتذكر تلك اللحظات
السحرية عندما كانت الجدة تجلس في الزاوية، تحكي لك قصصًا من زمن بعيد، وتبدو وكأن كل كلمة تخرج من فمها مليئة بالسحر والحكمة؟ تلك القصص التي كانت تنتقل من جيل إلى جيل، وتبقى عالقة في الأذهان كأنها خيوط من ذهب تُنسج عبر الزمن. الجدة كانت هي الناقل الأمين لتاريخ العائلة، حاملةً في قلبها الحكايات الشعبية التي جعلت من الليل رحلة ساحرة مليئة بالمغامرات.
ولكن… هل تعتقد أن الحكايات التي كانت تحكيها الجدات ما زالت تحتفظ بتأثيرها؟ وهل هناك مكان للقصص في عالمنا الحديث، الذي تهيمن عليه الشاشات الصغيرة والتطبيقات التكنولوجية؟ الحقيقة هي أن تأثير الحكايات التي ترويها الجدات لا يزال قويًا، وإن تغيرت الطرق. في هذا التقرير، سنغوص في عالم الحكايات المدهشة التي تقدمها الجدات، ونعرف كيف كانت هذه الحكايات نافذة نطل منها على الثقافات المختلفة، وكيف أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الهوية.
حكايات الجدات ليست مجرد قصص تُروى لأغراض التسلية، بل هي دروس عميقة في الحياة، تتيح لنا فرصة للتأمل في عالم من التجارب والمشاعر التي تتجاوز حدود الزمن.
الجدات لسن مجرد شخصيات قديمة، بل هنّ مرآة للزمان والمكان، والمربيات الذين يزرعون فينا، عن غير قصد أحيانًا، بذور التفاؤل والاستمرارية. إن قصصهن، التي تُقال ليلاً تحت ضوء الشموع أو في جلسات عائلية دافئة، تُعد بمثابة خيوط تشبك الماضي بالحاضر، وتربطنا بجذورنا مهما تباعدت المسافات.
ومع مرور الوقت، يجب علينا أن نحافظ على هذا الإرث الغني، ليس فقط عبر الكلمات التي نسمعها منهن، بل أيضًا عبر تقدير دورهن في حياتنا اليومية. نحن بحاجة إلى الاستماع إليهن، ليس فقط كجزء من تقاليد الماضي، بل كجزء أساسي من حاضرنا ومستقبلنا. إنهن مصدر غني بالحكمة والتوجيه، ولا شيء يمكن أن يعوض حضورهن في العائلة والمجتمع. لذا، فلنحرص جميعًا على أن نحتفظ بحكايات الجدات في قلوبنا وأذهاننا، وأن نعبر عنها وننقلها للأجيال القادمة، حتى لا تظل مجرد ذكريات، بل إرثًا حيًا ينمو ويتجدد مع مرور الزمن.
في الختام، يبقى أن نقول: رغم أن العالم من حولنا يتغير، تظل الجدات، بطرقهن البسيطة، والمعبرة، والحكيمة، الحارس الأمين للقيم التي نحتاجها في كل زمان ومكان. فلنحتفل بهن اليوم وكل يوم، ولنمنحهن المساحة التي يستحقنها في حياتنا، لأنهن بلا شك، كن وما زلن، الجسر الذي يربطنا بين الماضي والحاضر، والنبع الذي لا ينضب من الدروس والتجارب.